غزة – العلاقات العامة

كشف المؤتمر العلمي المُحكم الذي نظمته كلية الحقوق في جامعة الإسراء بغزة اليوم السبت (10/12) تحت عنوان "الواقع الصحي في فلسطين من منظور حقوقي"، عن نتائج خطيرة في الواقع الصحي الفلسطيني بصفة عامة وقطاع غزة بصفة خاصة.

واستعرض باحثون خمسة عشر بحثاً علمياً محكماً مختلفاً في مجالات الصحة في فلسطين، حيث خلصت إلى وجود إشكاليات صحية في المجالات الطبية كافة، وعدم توفر أدنى مقومات الرعاية الطبية للمواطنين.

وقد أظهرت إحدى الدراسات العلمية المتعلقة بمريضات السرطان في قطاع غزة والتي قدمها الدكتور علاء مطر رئيس المؤتمر وعميد كلية الحقوق في جامعة الإسراء عن وجود انتهاكات جسيمة بحق المريضات بسبب عدم توفر القدر الكافي من المرافق الصحية المؤهلة لتقديم خدمات صحية مناسبة، ووجود نقص في عدد الأسِرّة والأطباء والممرضين سيما المتخصصين، إضافة إلى ضعف إمكانات التشخيص والعلاج، إلى جانب المعوقات التي تحول دون تلقي مريضات السرطان للعلاج في مستشفيات خارج قطاع غزة وغياب الدعم النفسي والاجتماعي. وأكدت الدراسة إلى أن إصابة بعض النساء بالمرض كان سبباً في طلاقهن من أزواجهن.

وفي نفس السياق، أكد المؤتمرون على وجود عجز كبير في شتى أنواع العلاجات سيما العلاجات الكيميائية والاشعاعية، الأمر الذي تسبب في تفاقم المرض لدى المصابات.

وحملّ الباحثون المجتمع الدولي المسؤولية عن عدم التحرك الفاعل لضمان وقف العقوبات الجماعية التي تفرضها سلطات الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة وسكانه، وإلزامها بالقيام بمسؤولياتها بتأمين الصحة العامة والشروط الصحية وأن توفر بأقصى ما تسمح به وسائلها العناية الطبية للسكان في الأراضي المحتلة.

وحذر المؤتمر من خطورة عدم تحييد القطاعات الخدماتية عن التجاذبات والصراعات السياسية، بما يضمن إدارة القطاع الصحي على نحو أفضل. إضافة إلى توفير إمكانات التشخيص والعلاج المناسبة، وتسهيل وتسريع إجراءات العلاج في الخارج.

وقدم المؤتمر حلولاً واقعية للارتقاء بالواقع الصحي في فلسطين لكي يحصل المواطن على حقوقه الصحية وفق القوانين والمواثيق الدولية.

الاحتلال ينفذ سياسة ممنهجة للإساءة للواقع الصحي في فلسطين

وفي الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، رحّب رئيس جامعة الإسراء الدكتور عدنان الحجار بجميع الحضور من نواب في المجلس التشريعي وممثلين عن الوزارات والمؤسسات الحكومية والاهلية والباحثين ووسائل الإعلام والوجهاء، موضحاً أن الجامعة تولي اهتماماً كبيراً للبحث العلمي وتشجعه وتوفر جميع متطلباته المالية واللوجستية وتقوم بنشر الأبحاث على المستويين المحلي والدولي بما يلبي الطموحات الوطنية. لافتاً إلى أن الجامعة أسست مجلتين علميتين لهذا الغرض.

وأوضح أن هذا المؤتمر العلمي المُحكم التي تنظمه كلية الحقوق في الجامعة يُعد الأول من نوعه على صعيد فلسطين، ويهدف إلى التعرف على الواقع الصحي في فلسطين، وتقديم الحلول الواقعية للارتقاء بالواقع الصحي للأفضل بما يتلاءم مع المواثيق الدولية وخاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تصادف ذكراه الـ 68 اليوم.

ودعا الدكتور "الحجار" الجهات المختصة إلى الانتباه للواقع الصحي الفلسطيني، والعمل على تطويره بما يعزز من تقديم الخدمة الصحية المميزة للمواطن.

من جانبه، أوضح الدكتور علاء مطر رئيس المؤتمر أن مسؤولية الواقع الصحي في فلسطين يتحملها ثلاثة أطراف وهما السلطة، والمجتمع الدولي وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أن الاحتلال ساهم بشكل كبير في تدهور الواقع الصحي نتيجة اعتداءاته على الطواقم الطبية والمرافق الصحية، ومنعه وصول الأدوية والأجهزة الطبية والتشخيصية إلى قطاع غزة. مؤكداً أن الاحتلال ينتهج سياسة ممنهجة ومدروسة للإساءة للصحة في فلسطين.

وقال مطر :" إن المجتمع الدولي الذي يحتفل اليوم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يؤكد على احترام الحق في الصحة عجز عن حماية هذا الحق والدفاع عنه في العديد من مناطق العالم ومنها الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي يمارس الاحتلال فيها جرائم ترتقي إلى جرائم حرب.

الحصار يمثل أهم التحديات والمعوقات أمام وزارة الصحة

من جهته، استعرض الدكتور مدحت محيسن وكيل مساعد وزارة الصحة في قطاع غزة، المعوقات والتحديات التي تواجهها وأهمها الحصار الإسرائيلي الخانق منذ عشرة أعوام متتالية. موضحاً أن الوزارة تعاني من نقص بما نسبته 30-35% من الأدوية والمستهلكات الطبية والمختبرات، إلى جانب النقص في كادر الموظفين. وأوضح أن الوزارة بحاجة إلى 800 موظفاً بحسب النمو الطبيعي للسكان، وما تمكنت من تشغيله 260 موظفاً بعقود من العدد المطلوب. إضافة إلى نقص الوقود جعل الوزارة تفكر في إغلاق بعض المستشفيات نتيجة توقف الداعمين عن توفيره خاصة وأن الوقود يعتبر ركيزة أساسية لتوفير الطاقة الكهربائية في ظل أزمة الكهرباء التي يعاني منها القطاع.

وقال محيسن" رغم ما تعانيه الوزارة من معوقات الى أنها عملت جاهدة للحفاظ على استمرار تقديم الخدمة للمواطن. وأضاف يوجد في القطاع 13 مستشفياً، و54 مركز صحي.

وأوضح أنه وفي ظل الظروف الصعبة تمكنت المشافي من أجراء أكثر من 40 ألف عملية جراحية ما بين كبيرة ومتوسطة، و58 ألف عملية صغرى، وتوفر خدمة إجراء 400 عملية قلب مفتوح سنوياً منذ العام 2010، إلى جانب عمليات القسطرة حيث تجري نحو 1000 عملية سنوياً.

وطالب د. محيسن رئاسة المؤتمر بإيفاد الوزارة بكل النتائج والتوصيات التي سيخلص إليها لكي يتم الاستفادة منها في تقديم الرعاية الصحية للمواطنين.

منظمة الصحة العالمية: 44% من المرضى يتمكنون من الحصول على التصاريح الاسرائيلية

من جانبه، أوضح الدكتور محمود ضاهر مدير منظمة الصحة العالمية في قطاع غزة، ازدياد رفض وتأخير إصدار تصاريح المرضى من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي لسكان قطاع غزة بشكل ملحوظ في ضوء القيود الناتجة عن إجراءات أمنية معقدة منذ عام 2012 وخاصة في العامين الأخيرين؛ مشيراً إلى تضاعف عدد المرضى الذين يتقدمون للحصول على تصاريح للمرور من خلال حاجز معبر بيت حانون (إيرز)، لافتاً إلى أن عدد طلبات التصاريح وصل إلى 21899 طلباً في عام 2015 وأن نسبة الموافقة على هذه الطلبات تقلصت بشكل مطرد حيث تم الموافقة على 92.2% من الطلبات عام 2012 وتقلصت إلى 77.5% عام 2015. ومنذ بداية عام 2016 ازدادت أوضاع مرضى غزة الذين يحتاجون للتصاريح، وتدنت نسبة الموافقة إلى 44% من مجموع الطلبات.

وفي نفس السياق، وأوضح ضاهر أن الإغلاق المستمر لمعبر رفح بين قطاع غزة ومصر منذ شهر يوليو 2013 أدى إلى تراجع عدد المرضى الذين تمكنوا من الخروج للعلاج في مصر؛ وفي عام 2014 بلغ عدد المرضى الذين غادروا 3117 مريضاً في حين انخفض العدد الى أقل من النصف في 2015، بسبب إغلاق الحدود.

بدوره، دعا الدكتور شريف بعلوشة عضو اللجنة العلمية للمؤتمر، العاملون في مجال الطب إلى المحافظة على أرواح الناس واعراضهم وحفظ أسرارهم المرضية، وبذل كل جهد وعناية ممكنة في خدمتهم وعلاجهم وعدم الاهمال في أداء عملهم ومهامهم.

الحقوق الصحية في القانون الدولي والفلسطيني

وفي الجلسة الاولى التي جاءت بعنوان " الحقوق الصحية في القانون الدولي والفلسطيني" ترأسها د. احمد الوادية وقدمت فيها اربعة ابحاث علمية ، فقد استعرضت د. أمنة أمحمدي بوزينة من الجزائر في بحثها المعنون "الالتزامات والمسؤوليات تجاه الحقوق الصحية، فيما قدم الأستاذ محمد التلباني دراسة بعنوان المعالجة التشريعية للقوانين المتعلقة بالحقوق الصحية ومدى انسجامها والمعايير الدولية، فيما قدم الدكتور رائد قنديل دراسة بعنوان الحماية الدستورية للحق في الصحة. فيما قدم الدكتور عمر التركماني دراسة بعنوان الحقوق الصحية للمرأة والطفل.

حماية الحق في الصحة والواقع الفلسطيني

وجاءت الجلسة الثانية بعنوان "حماية الحق في الصحة والواقع الفلسطيني"، وترأستها الدكتورة أمل صرصور- مركز بحوث ودراسات الأرض والإنسان، واستعرضت خمس دراسات علمية.

حيث قدم الدكتور أحمد أبو طواحينة دراسة بعنوان "واقع خدمات الصحة النفسية في قطاع غزة" فيما قدم أ. رابح حدو من الجزائر دراسة حول "الحماية المقررة للحق في الصحة للطفل الفلسطيني". والدكتور علاء مطر قدم دراسة حول "واقع الحقوق الصحية لمريضات السرطان في قطاع غزة"، والدكتور فضل المزيني دراسة حول "إثر الحصار الإسرائيلي على الواقع الصحي في قطاع غزة" والأستاذ محمد زايد "انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للحماية الدولية للطواقم الطبية".

المسؤولية المترتبة علي الأخطاء الطبية

وحملت الجلسة الثالثة عنوان "المسؤولية المترتبة علي الأخطاء الطبية" ترأسها أ. جميل سرحان مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في قطاع غزة، استعرضت خمس دراسات علمية محكمة، قدمها كلاً من د. عبد القادر جرادة حول جريمة افشاء الاسرار الطبية. والدكتور شرين قاعود "المسؤولية الدينية للطبيب، والدكتور أنور الطويل "المسؤولية المدنية للصيدلي، والدكتور شريف بعلوشة " المسؤولية التأديبية للطبيب الموظف"، والدكتور طارق الديراوي والأستاذ عصام اسماعيل قدما دارسة حول "اثبات الخطأ الطبي في الدعوى الجزائية، وكلاً من الدكتور عامر أبو شريعة والأستاذ سليمان سلامة دراسة حول "المسؤولية التأديبية للصيدلي في قطاع الخاص".