نظمت كلية العلوم الإنسانية في جامعة الإسراء بالتعاون مع مؤسسة فلسطينيات يوماً دراسياً بعنوان (حضور المرأة الفلسطينية عبر البيئة الرقمية - الواقع والتحديات)، وذلك بمناسبة يوم المرأة العالمي الذي يوافق 8 مارس.

وشاركَ في اليوم الدراسي عميدة كلية العلوم الإنسانية الدكتورة أسماء الشقاقي، ومديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية والحماية للمرأة الأستاذة زينب الغنيمي، والمرابطة المقدسية هنادي الحلواني، والأستاذة شيرين خليفة –ممثلاً عن مؤسسة فلسطينيات، وعرضت كلاً من رئيس قسم اللغة الإنجليزية الدكتورة سلام الأستاذ، ومنسقة وحدة الرصد والدراسات في الائتلاف من أجل النزاهة والشفافية الأستاذة هداية شمعون، قدمتها الإعلامية الفلسطينية رولا عليان، والإعلامية حنان أبو دغيم، والإعلامية بسمة الكرد أوراقاً علمية قيمة.

كما، وشارك رئيس قسم الصحافة وتكنولوجيا الإعلام والاتصال أ. أحمد الأغا بإدارة الجلسات الحوارية التي تهدف للنظر في واقع المرأة في الفضاء الإعلامية، فيما أعدَّ وتلا نتائج وتوصيات اليوم العلمي أ. محمد السيقلي المحاضر في قسم الصحافة.

ورشح عن الورقة العلمية عددٌ من النتائج المهمة وسلسلةٌ من التوصيات التي يمكن ان تسهم في تعزيز لدور المرأة الفلسطينية في الإعلام الرقمي، ولضمان فاعلية أكبر لحضور المرأة على جميع الأصعدة.

هذا وقد توصلت الأوراق العلمية إلى نتائج عدة من أهمها:

1.    إنّ مهنة الصحافة والإعلام من المهن التي ولجَتْها المرأةُ منذ زمنٍ بعيدٍ كوسيلةٍ من وسائلها في الدعوة لحقوقها وحريتها، وسجلت قديماً وحديثاً حضوراً قوياً في هذا التخصص وهذه المهنة، كما سجلت المرأةُ الفلسطينيةُ بصماتٍ واضحةً في هذا المجال رغم كثيرٍ من المعيقات، وأهمها الاجتماعية والسياسية.

2.    يؤدي الإعلام الرقمي دوراً محورياً مهماً للنهوض بواقع المرأة، وذلك من خلال تطوير الخطاب الإعلامي بالقدر الذي يسمح بزيادة وعي المرأة بدورها الحقيقي في المجتمع وبأهمية مشاركتها الفعلية في تطويره وتنميته.

3.    لم يقتصرْ عملُ المرأة في مجال الإعلام على العمل الإذاعي والتلفزيوني أو في الصحافة المكتوبة، بل سجلتْ حضوراً بارزاً في الإعلام الرقمي والإعلام الجديد عبر الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي (تويتر وفيس بوك وغيرها) وعالجتْ من خلالها موضوعاتٍ وقضايا مهمةً تمسُّ واقعَهَا.

4.    أتاح الإعلامُ الرقمي الفرصةَ أمام المرأة الفلسطينية للانفتاح على عوالمَ معلوماتية متعددة ومتنوعة، وهو يُعدُّ عاملاً مميزاً ساهَمَ في كسْر العُزلة والتقيد بالمعلومات والتجارب المحلية فقط، إذ تمكنتِ الإعلامياتُ الفلسطينياتُ من النَهْل من هذه المعلومات، ومن القدرة على رفع مستوى وعيهن ومهاراتهن، وجعَلَتْهنَّ قادراتٍ على مشاركة تجاربهن في العمل الإعلامي؛ رغم ممارساتِ الاحتلال الإسرائيلي وآثار الانقسام والهيمنة الذكورية على مجالاتٍ محددة في السياق الإعلامي.

5.    تمكنتِ الإعلامياتُ الفلسطينياتُ المهتماتُ بالشأن السياسي من التعلُّم والتفاعلِ مع المنتديات السياسية، والاطّلاعِ على تجاربِ النساء السياسية في دولٍ مختلفة، ووصلْنَ إلى أدبياتٍ سياسيةٍ ساهمتْ بتشكيل الوعي السياسي لهن، وهو ما أفضى إلى تمكُّنِ كثيرٍ منهنَّ من التخصص في مجالاتِ العمل السياسي، وذلك من خلال انخراطهِنَّ في تلقّي تدريباتٍ متخصّصةٍ في الإعلام والسياسة، أو الإعلام والنوع الاجتماعي، أو الإعلام والاقتصاد، بفضل الإعلام الرقمي.

6.    الإعلامُ الرقميُّ بأدواته المختلفة وسيلةٌ فعّالةٌ تُساعدُ على جذب الانتباه نحو قضايا وحقوق المرأة، خاصة أنَّ الاستخدامَ الهائلَ لوسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً من قِبل النساء، يدفع باتجاه تبنِّي ودعم قضايا وحقوق المرأة وجعْلِها من أهم القضايا التي تنال اهتمامَ وسائلِ الإعلام.

7.    تعاني الإعلامياتُ الفلسطينياتُ في فضاء الإعلام الرقمي من عدوانٍ وقرصنةٍ ممنهجةٍ على حقوقهنَّ الرقمية، سواء بشكلٍ مباشَر من الاحتلال الإسرائيلي أو من المحرِّضين وجماعاتِ المستوطنين أو غيرهم.

8.    النساءُ الفلسطينياتُ يعانينَ من العنصرية الرقمية، وخطاب الكراهية، والتحريض على العنف ومحاولات قلب الحقائق، والرقابة، والملاحقة، والتهديد، في فضاء الإعلام الرقمي من جهاتٍ عدةٍ سواءٌ داخلية أم خارجية. 

9.    "الأُميَّةُ التقنية" تعزلُ المرأةَ الفلسطينيةَ عن المجتمع الرقمي ما يرتد سلباً على حقوقها المختلفة، وتجدرُ الإشارةُ إلى أنَّ إحصائياتٍ دقيقةً تكشف عن وجودِ فجوةٍ بين استخدام الذكور والإناث لأدوات الإعلام الرقمي، إذ إنَّ هناك نساءً فلسطينياتٍ ما زِلنَ محروماتٍ من تلك الوسائل، ومرجع ذلك بنسبةٍ كبيرةٍ إلى الأعراف الاجتماعية.

10.    تُهمِلُ كثيرٌ من المؤسساتِ النسوية استثمارَ وسائلِ الإعلام الرقمي، وكثيرٌ منها تحصر حضُورَها في أدواتٍ معينة، دونَ الاستفادة من جميع الأدوات والخصائص التي يوفِّرها ويُتيحُها الإعلامُ الرقميّ، وهو ما يُضعِف دورَ المرأة ويَحُدُّ من فاعليتها وخطابها.

11.    أظهرتِ الأوراقُ العلمية محدوديةَ التركيز على قضايا المرأة عبر وسائط الإعلام الرقمي. 

12.    أظهرَ التحليلُ الجندري أنَّ كثيراً من الإعلاميين والإعلاميات لديهم حساسية جندرية، وهو ما يتضح بشكلٍ جليٍّ في كثيرٍ من الموضوعات المتعلقة بمعالجة قضايا المرأة في الإعلام الرقمي. 

13.    تنميطُ صورةِ المرأة الفلسطينية في الإعلام الرقمي ينعكسُ سلباً على دورها في المجتمع، مع الإشارة إلى أنَّ كثيراً من الإعلاميات والنساء تحدَّيْنَ فكرةَ "التنميط المجتمعي للمرأة" من خلال الكتابات الواعية والعميقة التي تحارب تلك الصورة.

وبناءً على جملةِ النتائج السابقة، أفضَتِ الأوراقُ العلميةُ إلى جملةٍ من التوصيات، أهمُها: 

1.    تعزيزُ ثقافةِ المجتمع ورفْعُ وعْيِ أفرادِهِ تجاهَ أدوار المرأة المجتمعية سواءٌ السياسية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الثقافية.

2.    تعزيزُ التكامُليةِ بين الثقافة والإعلام بوصفهما محركَيْن أصيلَيْن لأيِّ عملية تغيّير منشودة، مع ضرورة قيامِ الإعلامِ بوظيفته التنويرية ومسؤوليةِ الغربلة الجندرية؛ لخَلْقِ واقعٍ أكثرَ إيجابيةً للمرأة الفلسطينية.

3.    إفرادُ مساحةٍ أكبرَ لتغطية قضايا المرأة في وسائل الإعلام الرقمي بعيداً عن الموسمية، وذلك عبر إعلاميين متخصِّصينَ ومُدَرَّبينَ على "الحساسية الجندرية" في تناول قضايا المرأة. 

4.    مطلوبٌ من المؤسساتِ الإعلامية، والتجمعات، والاتحاداتِ النسويةِ وغيرِ النسوية، الاهتمامَ بشكلٍ أكبرَ بقضايا المرأة والنوع الاجتماعي. 

5.    تطويرُ القدراتِ الإعلاميّة والمهاراتِ الصحفية المتعلقة بقضايا الجندر، ومهاراتِ إدارة حَمْلاتِ المناصَرَةِ الرقميةِ على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لمناهضةِ العنفِ المبنيِّ على النوع الاجتماعي للصحفيين والصحفيات الشباب.

6.    ضرورةُ إصدارِ دليلٍ ومنهاجٍ شاملٍ؛ لتعزيزِ الثقافةِ والأمنِ الرقميّ من وجهةِ نظرٍ جندرية، ما يضمن تصدِّي النساءِ لأيِّ خطابِ كراهية، أو عنفٍ، أو تحريضٍ؛ ولمواجهة محاولات تنميط صورة المرأة الفلسطينية.

7.    تشكيلُ مرصَدٍ إعلاميٍّ نسويٍّ؛ هدفُهُ متابعةُ صورة المرأة في وسائل الإعلام الرقمي، ويوثِّقُ جُلَّ الانتهاكاتِ التي تتعرض لها النساءُ في تلك الوسائل.

8.    إطلاقُ حَمْلاتٍ إعلاميةٍ، وتصميمُ حَمْلاتِ ضغطٍ ومناصرةٍ؛ تهدف لتغييرِ وتعديلِ القوانينِ والتشريعاتِ التي تنتهكُ حقوقَ المرأة وتَحُدُّ من فعاليتها ودورها في المجتمع.

9.    مطلوبٌ من المؤسساتِ النسوية الخروجَ من القالب التقليديِّ لتواصلها مع الجمهور، عبر توظيفِ وسائلِ الإعلام الرقميّ داخلَ مؤسّساتِها بالاستعانةِ بصحفياتٍ ومؤثراتٍ قادراتٍ على الوصول للجمهور بعد تدريبهنَّ من ناحيةِ المحتوى ومن ناحية نوع الأدوات والتقنيات الرقمية الحديثة؛ لخدمةِ قضايا النوع الاجتماعي ومواجهةِ الإعلامِ الرقميِّ المُعزِّزِ للدور التقليديِّ للنساء.

10.    ينبغي أنْ تُولِي المِنصَاتُ النسويةُ الإعلاميةُ المختلفةُ اهتماماً خاصاً بالموضوعات التي تهدفُ لتَمكينِ المَرْأَةِ الفِلَسْطينيّةِ نَحوَ المشاركَةِ السّياسيّةِ، والتأكيدِ على دورِها الفاعلِ والإيجابيِّ في المجتمع.

11.    الدفعُ باتجاهِ تنظيم دوراتٍ، وأيامٍ تدريبية، وورشِ عملٍ مركَّزة، ومؤتمراتٍ علميةٍ تستهدف الصحفياتِ الفلسطينيات؛ لصَقلِ ثقافتِهنَّ بحقوقهنَّ السياسيةِ المختلفة، وتعزيزِ خطابهنَّ النسويِّ في الإعلام، بما يعزِّزُ من مكانةِ المرأةِ السياسيةِ في المجتمع الفلسطيني.

12.    دَمجُ مساقاتٍ أكاديميةٍ عن حقوق النوع الاجتماعي، ومنها ما يتعلق بـ"حقوق المرأة" على وجه الخصوص في تخصُّصاتِ الصحافة والإعلام في الجامعات الفلسطينية؛ بهدفِ توسيعِ وتعميقِ المعرفةِ بالنظريةِ والمفاهيمِ الخاصةِ بالنوعِ الاجتماعي، وهو ما سيعزِّزُ من ثقافةِ ووعْيِ الطلبةِ نحو الحقوق لجميع الفئات.

13.    هذهِ النتائجُ سابقةُ الذِكْرِ وما تلاها من "توصياتِ اليومِ العلميِّ" نضَعُها على طاولةِ كُلِّ حريصٍ ومسؤولٍ في وطنِنَا العظيمِ الذي لن يتكاملَ إلّا بتعزيزِ دَورِ المرأةِ وحُضورِها الفعَّالِ في المجتمَع.

0913c647-b8af-4037-ae9f-dec4fbb8130d.jpg
0c68e4ce-cf77-471c-8c10-f3a43960d4c4.jpg
e7ce39e8-7121-46d1-8327-035d10974254.jpg